استمرارا في سلسلة المحاضرات التي ينظمها ماستر التنظيمات الإجتماعية واستراتيجيات التغير، كان لطلبة الماستر موعدا مع لقاء تفاعلي عن بعد عبر منصة google meet تحت عنوان " في توصيف ديناميات المجموعات الشبابية للألتراس مقاربة كيفية"، ألقاها الأستاذ سعيد بنيس، أستاذ العلوم الإجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، يوم السبت 23 يناير 2021، و كان اللقاء من تسيير الطالبة الباحثة بماستر التنظيمات الاجتماعية بشرى البدوي .
- محاضرة الباحث سعيد بنيس كانت ترجمة لدراسة دامت لسنتين( 2018-2017 ) ركزت بشكل أكبر على مجموعات "الغرين بويز" المساندة لفريق الرجاء البيضاوي ، و"الوينرز" الفصيل المشجع لفريق الوداد البيضاوي و"التراس عسكري" الفصيل المساند لفريق الجيش الملكي، "لوس ماطادوريس" المساندة لفريق المغرب التطوان.
وقبل الخوض في غمار التجربة الميدانية تناول الأستاذ سعيد بنيس السياق الإقليمي لبداية الإهتمام بمجموعات الشباب التي تنتمي لألتراس فرق كرة القدم، والذي تجلى في السياق المصري الذي شهد مشاركة هذه الجماعات في التظاهرات الشعبية، وتحدث بعدها الباحث عن المقاربة الكيفية ودواعي اختيارها كآلية لفهم سياقات الخطاب الاحتجاجي للألتراس، وكذلك الإطار النظري المعتمد والذي يتجلى في التفاعلية الرمزية عند ارفينك كوفمان ( Erving Goffman).
وقد قارب الأستاذ سعيد بنيس ظاهرة الألتراس باعتبارها ظاهرة دينامية خطابية ومدنية على عكس المقاربات التي تقاربها على أنها نوع من أنواع العنف والشغب، باستخدام "النظرية المتجذرة"، وهي مقاربة استقرائية تتوخى بناء المفاهيم عبر جملة من المراحل، وفيما يخص الأدوات المنهجية تم توظيف الملاحظة وتتبع التفاعلات الخطابية واللغوية الرقمية .
- انتقل الباحث بعد ذلك الى الحديث عن سياقات ظهور الألتراس في العالم بالبرازيل سنة "1939"، وانتقالها بعد ذلك الى أوروبا ، وكذلك سياق ظهورها بالمغرب في بداية الألفية سنة " 2005". وقد أرجع الباحث سبب الإنتقال من الرياضية الى الإحتجاج الى طبيعة الفئة "الشباب"، وكذلك ارتباطا بمطالب هذه الفئة التي غالبا ما يتراوح عمرها بين 16 و25 سنة، وخاصية العمر هذه مكنت المحتجين من خلق هامش من الحرية عبر تملك فضاءات رقمية (مواقع الألتراس والمجموعات الرقمية) تتيح امكانية خلق خطاب مفكر فيه داخل بنيات حديثة (فصائل الألتراس).
تناول الباحث أيضا مفهوم الفردية الجماعية كمفهوم يمكن من تتبع ثقافة وأسلوب جديدين للإحتجاج، والذي يتمثل في تعابير دالة على الذات الجمعية مثل:"مابغيتونا نقراو، الحرية لي بغينا ..."، والذات الفردية مثل: "الهضرة طلعات ف راسي وغير فهموني ، مانلاشيش ..."، والذي تمثل البوح الفردي والشخصي للألتراس.
الى جانب ذلك تناول الباحث مسألة انتقال الشعارات الإحتجاجية لهؤلاء الشباب الى خارج الملعب ليتبناها أفراد خارج النسق الرياضي للتعبير عن رفضهم للسياسات الحكومية، وأصبحت المضامين ذات المرجعية السياسية والحقوقية هي الطاغية في الشعارات داخل الملاعب، وأصبحت الشعارات تعبر عن حاجيات جماعية ذات صلة بالقيم المادية مثل التشغيل والصحة والتعليم والمواصلات والبنيات التحتية...، لتخلق بالتالي فضاء راديكاليا ومجالا لثقافة مضادة، يشمل الإحتجاج الواقعي الذي يمس الميدان الإجتماعي والإقتصادي والسياسي، والإحتجاج الرقمي العابر للحدود والمنفتح على جميع السياقات (فلسطين- الجزائر - تونس- مصر...).
في ظل الواقع الرقمي، يمكن الأقرار حسب الباحث بأننا إزاء عهد جديد من الخطاب الشبابي "الخطاب الإحتجاجي الرقمي"، وحسب الأستاذ سعيد بنيس لا يمكن إلا إيجاز التوصيف الكيفي لدينامية مجموعة الألتراس بالمغرب من خلال اعتبارهم جيل متصل رقميا بمحيطه الإجتماعي والسياسي من خلال سلوك معارضة جديدة ينبني على خطاب احتجاجي يرمي إلى تعميق الشعور بالتمغربيت والإنتماء للمملكة المغربية والدفاع عن وحدتها الترابية .
بعدما ألقى الباحث كلمته، تركت مسيرة اللقاء الفرصة للطلبة للتعبير عن أسئلتهم وأفكارهم حول الموضوع، وقد ركزت أغلب الأسئلة على إمكانية اعتبار الألتراس كتنظيمات اجتماعية، وكذلك جانب الغرافيتيا أو الكتابة على الجدران كشكل من أشكال تملك المجال، لتعود الكلمة بعدها للأستاذ سعيد بنيس ليتفاعل مع أسئلة الطلبة ويجدد الشكر لهم على حسن إصغائهم. وينتهي اللقاء التواصلي بتقدم المسيرة باسم ماستر التنظيمات الإجتماعية واستراتيجيات التغير بجزيل الشكر للأستاذ على قبوله للدعوة، وكذلك الشكر للأستاذ محمد الشريمي منسق الماستر على منحه لطلبته هذه الفرصة على أمل أن يتجدد اللقاء في أقرب المواعيد بشكل حضوري بعيدا عن العالم الرقمي.
من انجاز الطالب الباحث: الحسين أسوان