بقلم محمد بوراس:
كثيرا ما تم الحديث على أهمية اعتماد الأعمال الجامعية في مجال البحث التاريخي على رصيد مهم من الوثائق والارشيفات، لإعطاء البحث التاريخي المغربي دفعة قوية على مستوى التجديد كتابة وممارسة، وحينما تناقش اطروحات جامعية تتصف بهذه الصفات، فإن ذلك يثلج الصدر، فالولضح ان الطلبة المغاربة يعانون من من صعوبة الحصول على الأرشيفات التاريخية الاجنبية، بحكم العديد من العوامل، منها ما هو ذاتي ومنها ما هو مرتبط بترسنة القوانين التي أصبحت تضعها دور الأرشيفات الأجنبية، وخاصة الفرنسية منها، على الباحثين المغاربة، حيث كان آخرها رفض منح المغرب أرشيف محمد بن عبد الكريم الخطابي
واليوم سررت كثيرا لمناقشة اطروحة جامعية الباحثة فريدة الصمدي، حول القبطان اركمان، جمعت ما بين فعل الترجمة، وما بين وضع دراسة نقدية للنص المترجم، تصحح عددا من المفاهيم حول تاريخ المغرب، وخاصة خلال القرن الحاسم، اي القرن التاسع عشر، وتكشف الخبايا العميقة للكتاب، من خلال نشر ما تبقا منه في دور الأرشيف الفرنسي، وهو الجزء المغمور منه، والذي يكشف حقيقة الدور التجسسي للضباط الفرنسيين حول المغرب، وكيف عملوا على إسقاط مشروع إصلاحي طموح للسلطان الحسن الأول خلال الحقبة المعنية بالدراسة، وكسروا العديد من المبادرات التي ولجها المغرب في إطار مشروع الاصلاحات خلال القرن التاسع عشر الميلادي، بل ان الاطروحة ترسم أفق مسارات بحثية جادة في تاريخ المغرب حول اطروحة لعبة الغرب تجاه المغرب، والكواليس التي كانت ترسم خلف مكاتب ضباط الاستعلامات الفرنسيين، بمن فيهم الضابط الذي عاشت معه الاطروحة تفاصيل دقيقة بكل موضوعية، تبرزها مضامين الأرشيفات السرية الفرنسية، فهنيئا لصاحبة العمل باطروحتها، وهنيئا للكلية بهذا العمل، ونحن في حاجة إلى المزيد من الترجمات في الإطار الأكاديمي، والتي بذلت فيها جهود كثيرة فردية على الخصوص من قبل عدد من الباحثين في العديد من المناسبات ، لتؤسس اعمال الترجمة قاطبة بفروعها العلمية المتشعبة ضمن مجال اكاديمي مدعم من المسؤولين، لأن الترجمة المرفقة بجهد المترجم في التعليق والتدقيق ليس بالأمر الهين، تتطلب منه جهدا لغويا وفكريا وتوثيقيا، دعواتي بالتوفيق لجميع المعربين.