استمرارا في سلسلة الأنشطة العلمية عن بعد التي ينظمها ماستر التنظيمات الإجتماعية واستراتجيات التغير.
المحاضرة الخامسة نستضيف الدكتور رشيد بوعبيد في لقاء حول موضوع:
" الإقتصاد الاجتماعي والتضامني بالمغرب:
مداخل وملاحظات أولية "
د. رشيد بوعبيد
- أستاذ باحث في علم الاجتماع بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة.
- مشارك في العديد من الدراسات والأبحاث الميدانية،
نشرت له مقالات وأبحاث في مجلات علمية بالمغرب وخارجه تتناول مواضيع متنوعة منها:
- دور التربية الوالدية في تنمية المهارات الاجتماعية،
الرضا الوظيفي لدى عمال الإغاثة
- دور الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في التنمية: نموذج العمل التعاوني بواحتي فركلة وغريس.
- حرية التعبير والشباب والعالم الافتراضي
- العنف ضد الأصول: أزمة قيم في زمن التحولات الاجتماعية.
- العنف وبنية المجال الحضري أية علاقة،
- إشكاليات الفشل الدراسي بالوسط القروي المغربي، بين إكراهات الثابت وسياسات للتجاوز،
- أي دور لآليات التنشئة في العنف لدى الشباب بالوسط الحضري ...
وذلك يوم الإثنين 22 يونيو 2020 على الساعة الخامسة مساء.
بصفحة الماستر.
تسجيل اللقاء:
التقرير:
تقرير المحاضرة السادسة التي ألقاها الدكتور رشيد بوعبيد تحت عنوان "الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالمغرب: مداخل وملاحظات أولية".
استمرارا في سلسلة المحاضرات عن بعد، التي ينظمها "ماستر التنظيمات الاجتماعية واستراتيجيات التغير" قام هذا الأخير بتنظيم المحاضرة السادسة، تحت عنوان "الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالمغرب: مداخل وملاحظات أولية "، ألقاها الأستاذ، د. رشيد بوعبيد، أستاذ باحث في علم الاجتماع بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، وذلك يوم الإثنين 22 يونيو 2020، على الساعة الخامسة مساء على صفحة الماستر بموقع Facebook.
بدأ الأستاذ محاضرته بتوجيه كلمة شكر للأستاذ منسق الماستر ولطلبته على دعوتهم لهذه المنصة التواصلية العلمية، مبرزا في الوقت نفسه العلاقة بين مجالات بحثه المرتبطة بالشباب والجريمة والإقصاء والتهميش، وبين موضوع المحاضرة عن الاقتصاد التضامني والاجتماعي معتبرا أن هذا الأخير يشكل أحد الحلول الناجعة لمحاربة هذه المظاهر الاجتماعية التي تؤثر سلبا على المجتمع.
قسم الأستاذ المحاضرة إلى ثلاثة أقسام:
ماهية الاقتصاد التضامني والاجتماعي؟
في هذا القسم تحدث عن الأستاذ عن ظروف نشأة هذا النوع من الاقتصاد، حيث اعتبر أن محدودية تجربة التنمية الاقتصادية التي عرفتها العديد من البلدان بعد نهاية الحرب العالمية، والحاجة إلى معالجة القضايا الاجتماعية مع اتساع الفجوات بين الطبقات الاجتماعية. قد أدى إلى ظهور البوادر الأولى للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالشكل الحديث. غير أن المبادرات الحقيقية ذات الصلة لم تظهر إلا بعد ظهور الأزمات التي عرفتها العديد من البلدان، مع بداية التسعينات من القرن الماضي (الخصخصة)، ومع الأزمة الاقتصادية لعام 2008.
لمحة تاريخية
اعتبر الأستاذ أن مظاهر الاقتصاد التضامني والاجتماعي تعود لمنتصف القرن التاسع عشر، خصوصا مع المبادرات الأولى لإرساء بنيات تعاونية وتعاضدية (تجربة رواد روتشديلRochdale Equitable (Pioneers بإنجلترا 1844، ثم تأسيس الجمعية الدولية للتعاونيات 1895. وفي هذا السياق أشار الأستاذ إلى أن الاقتصاد التعاوني قد ظهر قبل الحديث عن الاقتصاد الاجتماعي. وفي سنة 1981 تمت الإشارة إلى مفهوم الاقتصاد التضامني من قبل « L’agence de liaison pour le développement de l’économie alternative » وفي سنة 1996 تم إصدار سلسلة من المبادئ المحددة للاقتصاد الاجتماعي، تم التأكيد خلال هذه الفترة على الأهداف غير الربحية والاستقلالية والتعاون والمشاركة بين الأفراد المنخرطين ضمن هذه التنظيمات. وفي عام 2008 أصدر تييري جيونتيThierry Jeantet كتاب « L’Économie Sociale une alternative au capitalisme » ، أكد فيه على المبادئ الأساسية للاقتصاد التضامني والاجتماعي.
تعريف الاقتصاد التضامني والاجتماعي
من بين تعاريف الاقتصاد الاجتماعي والتضامني التي أشار إليها الأستاذ، هناك تعريف منظمة العمل الدولية حيث تعتبر الاقتصاد الاجتماعي والتضامني مجموعة من المقاولات والهيئات وخصوصا التعاونيات والتعاضديات والجمعيات والمؤسسات والمقاولات الاجتماعية، التي تقوم على مبادئ التضامن والمشاركة والتي تتميز بإنتاج السلع والخدمات والمعارف. مع الحرص على تحقيق أهداف اجتماعية واقتصادية.
الأهداف والأسس
حدد الأستاذ هدفين رئيسيين للاقتصاد الاجتماعي والتضامني:
1) تقديم الدعم للفئات المعوزة التي تحتل موقعا هامشيا من النظام الاقتصادي والاجتماعي السائد
2) إعادة الدفء للعلاقات الاجتماعية التي تلاشت نتيجة النزعة الفردانية، وبالتالي تحقيق نوع من التوازن والعدالة الاجتماعية
وبالنسبة للأسس التي يقوم عليها هذا الاقتصاد، فقد لخصها الأستاذ فيما يلي:
• المشاركة: أي الحكم بشكل ديمقراطي، والمسؤولية المشتركة للفاعلين
• التضامن والابتكار
• المشاركة الطوعية والاستقلالية
• المصلحة العامة
الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالبيئة المغربية
يرى الأستاذ أن هناك مظاهر متعددة للبعد التضامني في الثقافة المغربية مثال ذلك (أكادير) كاستراتيجية لتخزين المواد الغذائية، (التويزة) (العكوك) (الوزيعة) ... غير أن هذه المظاهر تجسد رؤية كلاسيكية غير محترفة أو مهنية.
عموما ـ حسب الأستاذ ـ فهذا النمط من الاقتصاد، في البيئة المغربية، يضم العديد من الهيئات والتعاونيات والتعاضديات والجمعيات ومؤسسات اجتماعية، تسعى لإعطاء نفس جديد لمحاولة تجاوز الاختلالات التي أنتجتها السياسة التنموية بعد الاستقلال.
أرقام وإحصائيات عن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالمغرب
أشار الأستاذ في هذه الفقرة إلى بعض الأرقام والإحصائيات التي جعلت المغرب ينخرط في مسار الاقتصاد التضامني والاجتماعي:
• يحتل المغرب الرتبة 121 في مؤشر التنمية البشرية من أصل 189 بلدا عام 2019
• مساهمة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني لا يتعدى %2 في الناتج الداخلي الخام
• الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المغرب يشغل أزيد من 600 ألف متعاون في مختلف المجالات وهي نسبة ضعيفة مقارنة ببلدان أخرى، حيث أن نسبة السكان النشيطين لا تتجاوز %1.3 وهي نسبة منخفضة بالنسبة لعتبة الإقلاع (%6).
• عدد التعاونيات في المغرب إلى حدود 2019 بلغ حوالي 20 ألف تعاونية، منها حوالي 3000 تعاونية نسائية.
• تشغل الفلاحة ما نسبته %67 من مجموع التعاونيات، فيما تشغل الصناعة التقليدية %16، وقطاع الإسكان %6، وأقل من %10 موزعة بين قطاعات أخرى
وبالموازاة مع هذا، فإن مجهودات مؤسساتية بذلت من أجل الرفع من إسهام هذا النمط الاقتصادي في السيرورة التنموية بالمغرب، منها:
• تخصيص وزارة خاصة بالاقتصاد التضامني والاجتماعي (وزارة السياحة)
• مكتب تنمية التعاون
• مغرب التسويق
• مخطط المغرب الأخضر
• الإنعاش الوطني
• وكالة التنمية الفلاحية
• وكالة التنمية الاجتماعية
• التعاون الوطني
القطاع التعاوني بالمغرب
بعد تقديم هذه الأرقام والإحصائيات، انتقل الأستاذ ليتحدث عن القطاع التعاوني، مبرزا المبادئ التي يرتكز عليها:
• العضوية الطوعية والمفتوحة
• ديمقراطية الإدارة بين الأعضاء
• المشاركة الاقتصادية للأعضاء
• الاستقلال الذاتي للأعضاء
• التدريب ونشر المعرفة للأعضاء
• التعاون بين التعاونيات
• الاهتمام بالمجتمع المحلي
وفي سياق الحديث عن هذا القطاع، فعدد التعاونيات بالمغرب خلال عام 2018 تجاوز 20 ألف تعاونية، تشغل فيها النساء نسبة هامة، على سبيل المثال، ارتفع عدد التعاونيات التي تعمل في مجال زيت "أرڭان" من ستة تعاونيات عام 2006 إلى أكثر من عشرين تعاونية عام 2014، ولا شك أن العدد قد ارتفع في الوقت الحالي.
وإن كانت الفلاحة (يضيف الأستاذ)، والصناعة التقليدية والإسكان هي المجالات التي تنشط فيها التعاونيات. فإن مجالات أخرى كالتسيير والمحاسباتية ووسائل الاتصال قد رأت النور حديثا مع القانون الجديد المنظم للقطاع التعاوني، مما جعل العديد من التعاونيات تواجه عددا كبيرا من الإكراهات: القانون المؤسساتي، السوسيوـ اقتصادي، أي في كلام آخر: لا تتوفر على المعايير التي يؤكد عليها القانون.
الدراسة الميدانية بواحة فركلة وغريس
وللوقوف على الإكراهات والتحديات التي تواجهها التعاونيات، استعرض الأستاذ الدراسة الميدانية (بواحة فركلة وغريس) والتي من خلال حاول الإجابة عن بعض الأسئلة نذكر منها:
• إلى أي مدى ساعد العمل التعاوني في بلوغ غاياته داخل البيئة الواحية؟
• هل استطاع العمل التعاوني الإسهام بالرقي بالظروف المختلفة لممارسيه؟
• ماهي الصعوبات التي تحد من نجاعة العمل التعاوني في هذه الجهة؟
• ماهي الحلول المقترحة لمواجهة هذه الإكراهات؟
أوضح الأستاذ أن هذه الدراسة رصدت 26 تعاونية بدائرة تنجداد، ينشط أغلبها في المجال الفلاحي (23 تعاونية) فيما تنشط ثلاث تعاونيات في مجال الصناعة التقليدية. بينما رصدت 22 تعاونية في دائرة كلميمة، 16 منها ينشط في المجال الفلاحي وأربعة تنشط في مجال الصناعة التقليدية، بينما تنشط جمعية وحيدة في مجال الخدمات (القراءة).
وتواجه هذه التعاونيات عدة صعوبات منها:
• غياب مقر محدد
• عدم ضبط المساطر من طرف المتعاونين
• ضعف الخبرة في التدبير المالي
• صعوبة المنافسة والتسويق
• غياب الحافزية
• الإكراهات المالية
وهذه الصعوبات بشكل تفاوتي تشترك فيها معظم التعاونيات، ورغم ذلك فهناك بعض الاختلافات فيما بينها أوجزها الأستاذ فيما يلي:
• البحث عن أسواق جديدة
• تنويع مجالات الاشتغال
• تطوير أساليب الإنتاج
• مستوى حركية التعاونية (محليا، وطنيا، دوليا)
ويرتبط هذا الاختلاف حسب الأستاذ بعوامل داخلية وأخرى خارجية، العوامل الداخلية تتلخص في:
• المستوى الثقافي المحدود للأعضاء المتعاونين
• ضعف التكوين
• ضعف الثقافة القانونية المتصلة بالعمل التعاوني
• غياب الحافزية الكافية لدى الأعضاء
• تمثل العمل التعاوني لدى بعض الأعضاء كوسيلة للحصول على مساعدات ومنح مجانية
• غياب وعي كاف بمستجدات السوق لدى المتعاونين
عوامل خارجية:
• ضعف مواكبة الجهات الوصية على قطاع القانون المنظم للعمل التعاوني
• عدم تفعيل بعض بنود القانون المنظم للعمل التعاوني
• غياب الالتقائية بين المتدخلين في قطاع التعاونيات
خلاصات عامة
أبرز الأستاذ أن العمل التعاوني في المجال الواحي، أسهم في رفع المستوى الاقتصادي لبعض المتعاونين، كما مكن من إبراز جوانب عديدة من المؤهلات البشرية والطبيعية التي يمكن استثمارها من خلال الإسهام في التنمية المحلية المستدامة في هذه المناطق. كما أكد الأستاذ أن واقع العمل التعاوني يتماشى مع الواقع العام للاقتصاد الاجتماعي التضامني باعتبار ذاك قطاعا من هذا، وأهم ما يميزه هو هيمنة التعاونيات الفلاحية، وضعف مؤشر الرضا، وأنه لا يحقق طموحات المتعاونين.
وعموما فإن الواحات تبقى في حاجة ماسة إلى تنمية محلية مع حماية الرأسمال الطبيعي واستدامة الموارد. وقبل الختام، قام الأستاذ بالرد على بعض استفسارات الطلبة.
حرر يوم الأربعاء 24 يونيو 2020
إنجاز الطالب الباحث: محمد الحجوي